عدد ابريل 2020

يتجدد الحوار مع محمد العبار، أحد أهم رواد الأعمال في منطقة الشرق الأوسط، ما لا يعرفه البعض هو أنه بدأ مشواره في سن صغير حتي وصل للمكانة التي هو عليها الآن، فيما يلي سيحكي لنا العبار قصته ومشواره الطويل ليعرف الشباب وصغار السن كيف يمكن الوصول إلى هذه المكانة المرموقة.

الجميع يريد أن يعرف قصة رائد الأعمال الذي بدأ من الصفر، خاصة وأنه حدث نادر لا نراه إلا في الدول الأوربية.

أعتقد أن في منطقتنا، هناك الكثير من رواد الأعمال الذين بدأوا من لا شيء.

وهل وصلوا لمكانتك؟

نعم، أعتقد أنني فقط واحد منهم، بالتأكيد الأمر يعتمد على مدى المجهود المبذول، لكن لا يمكن أن نغفل الإرادة الإلهية، لا يصل أي منا إلى ما نحن فيه بدون التوفيق من عند الله، هذا التوفيق هو ما يحول العمل الحقيقي إلى نجاح ملموس.

بداية مبكرة في العشرينيات في النشاط الاقتصادي الذي تتميز فيه مع شجاعة وإصرار بالإضافة إلى دعاء والديك، هذه هي التركيبة السحرية من وجهة نظري.

بالنسبة لي، لأكون صادقا، من دون الشيخ محمد بن راشد، لما كنت على ما أنا عليه اليوم.

هناك الكثير من الناس في الإمارات وفي دبي ساعدوني وتعلمت منهم، لكنني كنت محظوظا بما يكفي لمقابلة الشيخ محمد،  فهو من زرع بداخلي قيمة الشجاعة.

لكنك قبل ان تقابله حصلت على منحة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت دبي في ذلك الوقت مدينة بسيطة وليس كما نعرفها اليوم، فكيف جاءت لك الفرصة؟ أعتقد أن هناك شيئًا بداخلك ساعدك على خلق هذه الرؤية.

 كانت دولة الإمارات العربية المتحدة جديدة نسبيا في ذلك الوقت وكنا جميعا نحصل على تلك المنح الدراسية وقد تحمسنا للذهاب الي الولايات المتحدة الامريكية بدون معرفة المجال الذي سنقوم بدراسته.

كان تفكيرنا “دعونا نذهب إلى الولايات المتحدة ونرى إلى أين ستأخذنا هذه المغامرة”  الأسئلة الحقيقية لكل منا في ذلك الوقت كانت ما هو مدي حماسك بتلك المنحة؟ وهل أنت متحمس أن تفتح عينيك لترى ما يدور حولك؟

وقد كان حولي مجموعة من الأصدقاء الجيدين يلهمونني للقيام بعمل أفضل والاستفادة من هذه الفرصة.

بعد العودة من أمريكا، عملت في مصرف أبو ظبي المركزي لمدة 5 سنوات ، وقد قمت  بهذا العمل بجدية ولكن لم تكن لدي خطة لما سافعلهً بعد ذلك، ولاحقًا، طُلب مني أن أدير شركة في سنغافورة، وبذلك كنت الرجل رقم واحد وأنا في السابعة والعشرين من عمري.

أعتقد أن سفري لسنغافورة في سن مبكر ساعدني كثيرًا.  مجرد كوني بعيدًا ساعدني في إدارة الشؤون  المالية وفهم العالم هناك وكذلك التواصل مع الصينيين.

وأكثر ما لفت انتباهي في الصينيين هي قدرتهم على فعل الكثير من الأشياء في فترة زمنية قصيرة جدا، وأعتقد أن والدي يشبههم في هذه الخصلة، فهو يمشي بسرعة، وينجز الأمور بسرعة، ويبدو أن العوامل الوراثية لعبت دورها وانتقل نفس الأمر لي.

وكانت المحطة التالية لي في دبي حيث عملت في دائرة التنمية الاقتصادية وأعتقد أنني قمت بعمل جيد هناك ويرجع الفضل للشيخ محمد بن راشد لأنه ساعدني كثيرا.

وكيف بدأت هذه العلاقة مع الشيخ محمد؟

لقد بدأت مع منصبي الحكومي، كنت شابا قادما من سنغافورة وكانت لدي تجربة جيدة، لذلك تم تعييني في قسم التنمية الاقتصادية، حيث كنا نقوم بوضع قواعد العمل وتحصيل الضرائب والتراخيص التجارية الخ ، لدبي.

لقد عملت على الكثير من الأشياء مع فريق من الأشخاص الجيدين، وكان الشيخ محمد يقودنا، وقد التقيت به في هذا الوقت.

لابد أنه رآي شيئًا فيك…

كنا فريق عمل متكامل مكون من حوالي 10 أشخاص يعملون مع الشيخ محمد وكنت واحدا منهم، ثم بعد 8 سنوات قررت أنني أريد المغادرة للعمل في مجال التطويرالعقاري، لم يكن هناك شركة عقارية كبيرة في الإمارات في ذلك الوقت، فوجدتها فرصة رائعة لتطبيق ما رأيته في سنغافورة، حيث كان بها الكثير من الشركات العقارية الكبيرة.

هل ألهمتك سنغافورة؟

نعم ألهمتني، وبعد ذلك آمن بي الكثير من الناس الذين واستثمروا أول 150 مليون دولار لبدء الشركة عندما لم يكن لدي أي شيء بعد.

هذه بلا شك مسؤولية كبيرة…

تلك الثقة كانت قريبة جدا من قلبي.

بالتأكيد، لقد غيرت حياتك!

نعم، ولكنني لم أكن مدفوعا بالمال، بالنسبة لي، كانت فكرة أنهم يمكن أن يثقوا بي كثيرا، ولم أكن سأخذلهم.

فكرة أنه يمكنك تصور مدينة جديدة ثم بناءها برؤيتك، بالتأكيد هذا شيء رائع.

أعتقد أننا نرى الكثير من النجاحات حول العالم وعلينا أن نتعلم.

كما قلت سابقا، ابق عينيك مفتوحة، هناك تطور كبير مستمر في دول أوروبا وأمريكا، ولماذا لا نحقق  نحن أيضا تطورات كبيرة في بلادنا. دعونا فقط نعمل بصدق بالشكل الصحيح،  لنقلل الأخطاء، وعلينا الاستعانة بأفضل الأشخاص، هذا ليس مكلفا، ولكنه فقط يحتاج أن نعمل بجدية.

إنني معجبة بفكرة أنه “إذا بنيت شيئا جيدا،  سيأتي إليه الناس تلقائيا”

بالضبط، والساحل الشمالي قد أثبت ذلك.

 في دبي إذا بنيت شيء سيأتي الناس إليه، والحال كذلك في مصر في هذه الفترة.  الحال ليس كذلك  بالضرورة في أمريكا  أو بريطانيا مثلا، لكن في بلادنا، لا يزال لدينا مجال واسع للقيام بالكثير من المشروعات.

بالنسبة لمصر. ونحن هنا في هذا المكان الرائع في مراسي، في فندق العالمين، يبدو أن رؤيتك لمراسي  بنيت حوله، أليس كذلك؟

نعم، إنه مبنى تاريخي.

 لقد بنيت قطعة من الجنة كما كنت تقول…

لست وحدي . هذا نتيجة كل فريق العمل الرائع في مصر.

ما هي أفكارك الأخرى لمراسي؟ أعرف أن لديك الكثير…

أعتقد أنني مثل المراهق المشاغب الذي لا يستطيع البقاء ساكنا ويسأل باستمرار ما الذي يمكننا فعله أكثر؟ وكيف يمكننا أن نفعل ما هو أفضل؟  وكيف يمكننا أن نجعل كل شيء فيه أفضل مما كان في العام الذي سبق؟ وهذا ما نعمل عليه طوال الوقت.

سنواصل العمل كذلك لأطول فترة ممكنة، لأن الساحل الشمالي في مصر به مميزات كثيرة ولم يتم اكتشافه كاملا  بعد.  أنا ممتن للغاية ان الرئيس السيسي يضغط بقوة لتطوير الساحل  الشمالي، لأنه جنة حقيقية لم يكتشفها العالم بعد.

لكن المصريون اكتشفوا جمال الساحل قبل أي شخص، ولهذا يحبون الساحل الشمالي وقد نشطت السياحة المحلية فيه، وأنا متأكد من أنه سيكون قبلة للسياحة الدولية في المستقبل، أعتقد أن سيدي عبد الرحمن من أروع الأماكن، لذا علينا أن نعتني بها، علينا أن نحترمها.

نحاول فعل ذلك كل يوم، يمكن أن نرتكب أخطاء، لكننا نتعلم منها ونعتذر عنها، هذه المنطقة خاصة جدا،  نعتز بثقة الناس فينا عندما يأتوا ويشتروا منازل أو يقيموا في فنادقنا، فهذا شيء هام بالنسبة لنا ولا نريد أن نخذلهم، لذلك  نواصل العمل بشكل أفضل كل عام بما في ذلك في كل التفاصيل الصغيرة.

نعم، أستطيع أن أرى ذلك. ما أدهشني ايضا هو أنك أخبرتني أن الموضة أثرت على كل ما تفعله في التطوير العقاري. وانك  بطريقتك تعمل كما يفعل صناع الأزياء الراقية ولكن في مجال العقارات . علي سبيل المثال  فبرج خليفة هو نوع من الأزياء الراقية ولكن في مجال المباني . ولقد قمت  بانشاء علامات تجارية مختلفة للفنادق مثل   ” العنوان The Address”  “وفيدا Vida”. من وجهة نظري يبدو أنك ترى التطوير العقاري نوع من أنواع الفنون

عندما بدأنا سلسلة فنادقنا، كان لدينا ثلاث علامات تجارية ناجحة للغاية، بين “فيدا” و”روف Rove” و”العنوان”. انت على حق، الأشياء تقع في مكانها الصحيح حين تعمل من القلب.

لدينا عقارات مميزة جدا في العنوان The Address لكن لا يمكننا أن ننسى أهمية المستويات المختلفة للفنادق، السؤال هو كيف يمكننا إنشاء مستوى أقل تكلفة من الفنادق ولكن بأناقة؟ على سبيل المثال، تم تصنيف فنادق Rove لدينا بموجب القانون، على أنها فنادق 3 نجوم، لكنها حقيقة تفوق 3 نجوم، إنها فنادق تتمتع باسلوب خاص للحياة، إنها جميلة مثل مراسي.

لكن بالعودة إلى سؤالك؛ بالطبع، نعم، تعرضي للموضة لمدة 15 عاما، عندما كنت أدير ما يقرب من 900 متجرا في الشرق الأقصى،  كان له تأثير علي عملي في التنمية العقارية لأن البيع بالتجزئة  يعلمك الاهتمام بالتفاصيل ويحسن ذوقك. والموضة تدور حول التطور المستمر وهي تتغير  باستمرار وكذلك العقارات.

أعتقد أن تذوق الموضة يضيف  إلى العمل بتفوق في العقارات، لأن العقارات تعتبر أثمن شيء نقتنيه ، لذلك، دعونا نعتني بها ونجعلها أنيقة، هذا  لا يكلف  مالا ولكن يتطلب ذوق جيد، بالمناسبة فان والدتي لا تعتقد أن لدي ذوق جيد!

فعلا؟ هل والدتك تحب الموضة؟ أعتقد أنها ستكون أنيقة جدًا؟

والدتي تحب الطراز القديم!

هل هذ ا ما دفعك لإطلاق فندق جورجيو ارماني؟  هل لهذا علاقة أيضًا بحبك للموضة؟

نعم، فالسؤال الذي طرحته هو كيف  يمكننا الاستفادة من العلامة التجارية لشركة مثل جورجيو أرماني؟ قيمة هذه العلامة مرتفع لدرجة أنه إذا الصقتها باسم الفندق، فإنك ترفع قيمة الفندق تلقائيًا، ولكن عليك فعل ذلك بالشكل الصحيح.

لقد رأيت فقط فندق أرماني في برج خليفة، لكنني سمعت أن الفندق الذي أقيم على الشاطئ رائع  أيضا.

وكذلك الفندق الموجود في ميلانو.

 سمعت أنك على وشك إضافة فندق جديد في  بيفرلي هيلز أيضا.

كان هناك نقاش، لكن هذا لم يحدث.

ما هو  المكان الذي تريد العمل به في الفترة المقبلة؟

أعتقد أنه هنا في الشرق الأوسط، حيث نقوم بالفعل بعمل جيد جدا، كما إننا نقوم بالكثير في أوروبا الشرقية أيضا، فأوروبا الشرقية أيضا مثيرة لاهتمامنا.

في الفنادق أم العقارات؟

نحن نقوم بالتطوير العقاري الشامل.

وهل ستحصل أوروبا الشرقية على فنادق أرماني؟

لا أعلم، ما زال الوقت مبكرا على هذا القرار.

لا يعرف الكثير من الناس أنك دخلت أيضًا مجال التجارة الإلكترونية، وأنا أعلم أنك استثمرت في Net-a-Porter. أخبرنا قليلاً عن عالمك خارج العقارات.

لدي ايضا شركة أمريكانا، وهي شركة مواد غذائية كبيرة تعمل بشكل جيد للغاية، وتضم حوالي 80 ألف موظف.

ولكن ما الذي جعلك تفعل ذلك؟ يبدو هذا خارج نطاق خبراتك؟

 في تجارة الأزياء يمكنك شراء قميص أو فستان مرة كل شهر، أو مرة كل ثلاثة أسابيع، بينما نحن تتناول الطعام ثلاث مرات في اليوم، هذه المعلومة البسيطة هي أساس دراسة الجدوى لأمريكانا.

هذا فعلا عقل رجل الأعمال!

 أمريكانا هي لاعب إقليمي كبير سواء بالنسبة للمطاعم أو مجال تصنيع المواد الغذائية.

 في نفس العام الذي اقتنيت فيه شركة أميريكانا دخلت  أيضا عالم التجارة الإلكترونية، والسبب هو إنني مدرك مدي تطور التجارة الإلكترونية حتي أصبحت جزء أساسي في حياتنا الآن.

كنت أخشى أن تدخل شركة أجنبية وتسيطر على السوق العربي  لأنه إذا تمت السيطرة علي أعمال التجارة الإلكترونية عن طريق جهة أجنبية يمكن لها أن تسيطر بسهولة على السوق بالكامل وهذا شيء لا يمكن قبوله، لن أقبل ذلك.

كان دخولي هذا المجال مخاطرة كبيرة بالنسبة لي، لأن عمري لا يساعد، لكن من دواعي سعادتي أن ابني راشد ساعدني في الحصول على أفضل الأشخاص في هذا المجال.

الآن شركة نون الخاصة بالتجارة الالكترونية عمرها 4 سنوات وتعمل بشكل جيد وتنمو بشكل سريع. تعمل نون في الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، ونحن الآن بصدد توسيع نطاق عملياتنا في مصر. هي تجربة تعليمية رائعة بالنسبة لي.

بلا شك، إنه عالم جديد تمامًا، أتوقع ان تصبح نون أكبر دار أزياء علي الاطلاق العام القادم.

وهل ستكون Net-a-Porter منفصلة؟

نعم، ستكون Net-a-Porter مشروعا منفصلا ، متخصصا في العلامات التجارية الراقية في المنطقة.

بالتأكيد  وجود الشركتين سيرفع من مكانتك كلاعب في التجارة الإلكترونية.

نعم، لأن شركة التجارة الإلكترونية لا يمكنها خدمة شريحة السوق الراقية، ستتعامل Net-a-Porter مع مستوي الازياء الراقي، بينما شركة التجارة الإلكترونية تعتبر سوبر ماركت  متوسط المستوى ويتعامل في كل شيء من الملابس إلى الطعام إلى الموضة وما إلى ذلك.

 لكن كيف تجد الوقت لإدارة كل ذلك؟

انا استثمر معظم وقتي في مجال التنمية العقارية، وأنا أيضا مواظب علي اجتماعاتي الأسبوعية مع طاقم التجارة الإلكترونية، أعتقد أننا نتحدث خمس مرات في اليوم، وعلى تواصل دائم مع فريق عمل أمريكانا. طالما لديك طاقم جيد وتواظب علي مراجعاتك الدورية للنشاط التجاري، فسيكون الأمر ناجحا. مع العلم أن مراجعاتي ليست سهلة، أنا مدير صعب للغاية، أطلب الكثير من طاقمي. أطلب منهم التميز والعمل الجاد، الحمد لله، لدي أشخاص أكفاء وجديرون بالثقة يعملون بجانبي.

لكنك أيضًا قائد ملهم…

ربما مع الأشخاص الأكفاء، ليس مع الجميع، إذا كان لديّ أشخاص اكفاء ومجتهدون وأذكياء بما فيه الكفاية، فأنا أتفق معهم ونعمل سويا بكفاءة، ولكن إذا أعتقد أحد أنه سيأتي ويعمل معي ببطء فإننا لن نتفق.

ماذا بقي ما زلت ترغب في القيام به؟

يجب أن يكون الشخص واقعيا وأن يغير سرعته في الوقت المناسب، أنا الآن أبلغ من العمر 62 عاما.

أعتقد أن حماية اسم العلامات التجارية وحراسة الشركات التي أملكها  هو الأمر الأهم  بالنسبة لي في الوقت الحالي لأن بناءها استغرق سنوات، وهذا يأخذني إلى مهمتي التالية، وهي في الأساس التأكد من أن لدي أفضل الأشخاص للعمل في شركاتنا .

أنا الآن أعمل علي تقوية  المستوى الثاني من الإدارة في شركاتنا، أي الأشخاص الذين سيتولون المسؤولية خلال 5 أو 7 سنوات في هذه الشركات وسيكون عليهم أن ينقلونها إلى المرحلة التالية. هذا هو ما أركز عليه في هذه المرحلة.

هل تعتقد أن هذه الشركات ستكون شركة عائلية؟

لا ليس بالضرورة، ستكون عائلتي موجودة ولكن هذه الشركات كبيرة، وتحتاج محترفين، فلدي أشخاص في الهند وباكستان ومصر وصربيا وكرواتيا والمغرب، يجب أن يكون لديك أفضل الأشخاص وأفضل المتخصصين، أنا أبحث عن أفضل الأفضل لحماية هذه الشركات وتنميتها. ويجب معاملتهم مثل الملاك . أنا أؤمن بذلك.

هل يحصلون على أسهم في الشركات؟

نعم، يحصلون على خيارات مشاركة ويتم مكافأتهم لتحقيق النتائج، لكن عليك أن تجيد الاختيار وطريقة التوظيف، هذا هو المفتاح.

والإلهام… أشعر أنك تلهم الكثير من الناس.

الأشخاص المناسبون يتم إلهامهم تلقائيًا. عندما تحصل على الشخص المناسب، لن تحتاج سوى أن تضعهم على الطريق وسينطلقون بأنفسهم.

هل هناك أي بلد لم تعمل فيه حتى الآن وتود استكشافه وتطويره؟

بصراحة، أريد أن أفعل الكثير في مصر، فأنا أحب العمل في مصر في جميع القطاعات، الضيافة والسكن وبالتأكيد التجارة. أتذكر دائما سورة يوسف عليه السلام في القرآن عندما قال: “اجعلني على خزائن الأرض”، وهناك معنى عميق في ذلك، فهذا البلد لا يصدق؛ لذلك ما زلت أبحث عن المزيد هنا وأنا متحمس حقا لأنني أشعر أن هناك الكثير الذي يمكن القيام به، وكذلك  في الإمارات العربية المتحدة وصربيا أيضا. لذا، أشكر الله على ذلك، أنا دائما إيجابي.

كيف تحتفظ بهذه الإيجابية ؟

أنا إيجابي فعلا ولكنني في بعض الأحيان أصطدم بالحائط لأنني إيجابي بدرجة زائدة. يسمي العالم العربي ضمن الدول النامية، نحن لا زال علينا القيام بأشياء كثيرة.  نحتاج إلى بناء الطرق والجسور والمستشفيات والمدارس والعقارات.

لذالك فانا لا أتطلع للعمل في أوروبا أو أمريكا، لأنها اقتصادات ناضجة، بالإضافة لذلك ، فانه لا يتم التعامل معنا في العالم العربي كمستثمرين فقط بل يتم التعامل معنا كجزء من العائلة.

ولماذا يذهب أي شخص الي مكان يعامل فيه كمستثمر فقط، مع كل الاحترام للمستثمرين؟ لا يزال هناك الكثير للقيام به هنا في مصر. أنا أنظر إلى أوروبا الشرقية، وأسافر الي هناك كثيرا. هذه البلاد  مثيرة للاهتمام، ولكن من المؤكد وبدون أي تملق، فإن الإمكانات في مصر ليس لها نهاية.

هل رؤيتك هي أن تحدث فرق أينما تذهب؟

ليس بالضرورة، أنما أحب أن أفعل الأشياء بشكل جيد وذلك ما نستمتع  بالقيام به أنا وفريقي.

لكنك تري بالتأكيد الفرق الذي أحدثته؟

أنا أريد فقط أن أضع ابتسامة علي وجوه الناس أن أراهم مستمتعون بما نقدمه . وأريد أن أري  الأطفال وهم منبهرين وفخورين ببلادنا ، وبشركاتنا، أريد اثبات أننا كعرب أشخاص أكفاء مثل أي جنسيات أخرى، أنا مهتم جدا بذلك وهذا شيء قريب جدا من قلبي.  نحن مثل الجميع، أنا لا أقول أننا أفضل منهم، لكننا على نفس القدر من الجودة، لماذا لا يمكننا فعل الأشياء بشكل صحيح؟

لهذا السبب أعتقد أن قصتك مهمة للغاية، لأنك نموذج نتعلم منه. كثير من الشباب في مصر، يعتقد أنه إن لم يولد في طبقة إجتماعية عليا،  هناك دائمًا سقف للنجاح لا يمكن تخطيه. فما هي نصيحتك للشباب العربي؟

أعتقد أن كل شيء يعود إلى نعمة الله والصحبة الطيبة التي تشجعك علي التفكير واستعمال عقلك.

يسألني كثيرون  لماذا انشئت  علامات تجارية خاصة للفنادق الخاصة بك؟

وأقول لدينا ما يقرب من 30 فندقا، وأنا أعلم أن الماريوت وفور سيزونز علامات تجارية رائع، لكن لماذا لا نكون نحن مثلهم ولدينا علاماتنا الناجحة ايضا؟ لماذا نخشى توظيف 5000 أو 7000 شخص والتعلم من أخطائنا؟ إن فنادقنا  أفضل بكثير من أي فنادق خمس نجوم  في العالم فلما لا؟

لدينا الآن 20 عاما من الخبرة. عندما بدأنا لم يكن لدينا شيء، لكننا  مثل الأشخاص الذين أسسوا ماريوت وغيرها من الشركات الكبرى، فنحن مثلهم وقادرين علي النجاح مثلهم.

 نعم إنه عمل شاق، إذا أردت أن تكون معروفا وناجحا سيكلفك ذلك وقتا وعملا شاقا، وسيتعين عليك الاستمرار في العمل طوال الوقت، وسترتكب أخطاء، لكن يجب عليك المضي قدما طوال الوقت.

 هل مررت بلحظات في حياتك شعرت فيها بالتعب من التحديات؟

بالتأكيد، فعندما حدثت أزمة سوق الأسهم في الأعوام 2007 و2008 و2009، كانت هذه فترة صعبة للغاية، واجهت خلالها مشاكل في عملي في مجال الأزياء  في سنغافورة، وكذلك أيضا الأزمة التي حدثت عام 1997، ونفس الشيء حدث في العام الماضي خلال الإغلاق بسبب الجائحة، كان وقتا صعبا للغاية.

 وهذا يطرح السؤال الخاص بمدي قدرة مؤسستك علي الصمود وتحمل الهزات؟  يسأل الكثير من الناس “كيف يمكنك التعامل مع الأزمات والأوقات الصعبة؟” الاجابة هي أنه يتعين عليك بناء مؤسسة يمكنها الصمود في وجه التغييرات.

لهذا السبب نحن نبني شركاتنا بهذه الطريقة، لأنه  لا شيء مضمون، لا شيء سيظل دائما كما هو  بنسبة 100 بالمائة. هناك  ليل ونهار، صيف وشتاء، هذا ما علمني إياه الشيخ محمد بن راشد، ففي أيام الأزمة، في عام 2007 كان يسألني ، “محمد ماذا بك؟”  فكنت أشكوا له من الأزمة الاقتصادية في جميع أنحاء العالم، وأننا لا نحقق أي ارباح وكان يقول لي “يا محمد، هناك دائما ليل ونهار،  لا يمكنك توقع أن يدوم  النهار، ألا تستعد أبدا لليل قادم بالتاكيد؟” كان هذا أهم درس في حياتي.  الحمد لله، لقد تمكنت من التأقلم.

كم كان عمرك عندما علمك ذلك؟

كان ذلك قبل 11 عاما،  انه أيقظني. الآن، مهما كانت الأزمة التي نمر بها،  ومدى صعوبتها، فأنا أعرف أننا قد نعاني لكن علينا دائما بناء مؤسسات يمكنها التعامل مع أي أزمة.

أعتقد أننا معتادون في منطقتنا على الأزمات كل بضع سنوات.

لسنا الوحيدون، إذا نظرنا إلى أوروبا أو أمريكا سنري أن الأزمة في كل مكان.

إذًا نصيحتك للأشخاص الذين يواجهون لحظات شك هي أن يثابروا وأن يهتموا ببناء مؤسسات  قوية وأن يكونوا دائما إيجابيين؟

في الواقع، النصيحة هي أنه لا يجب أخذ الأشياء على أنها من المسلمات، لا تعتقد أن هناك نجاح دائما، لا تعتقد أنه نظرا لأنك تقوم بعمل جيد اليوم، فسوف تستمر في الأداء الجيد إلى الأبد. حتى لو قمت بعمل جيد، فكن حذرا دائما، لكن على الجانب الآخر ادفع بقوة لكي تتقدم، وتحرك سريعا، هكذا هي الحياة، لا شيء مضمون ولكن عليك أن تظل متفائلا.

أسئلة إنجما السريعة:

ما هي أفضل خمس كلمات تصفك؟

سريع، مخلص، شجاع، محب ومحترم. وكذلك أخاف الله وهذا مهم!

ما الذي تود تغييره في نفسك؟

أود أن أتمهل بعض الشيء فأنا أعمل كثيرا. كان يتعين علي البحث عن أشخاص أكفاء لتحمل المسؤولية معي منذ 10 سنوات، لكنني بدأت متأخرا، لذلك أتمنى لو كنت أصغر بعشرين عاما!

لكني لا أريد أن أغير البداية لأنني كنت محظوظا جدا وأشكر الله على ذلك.

ما هي الصفات التي لا تحبها في الناس؟

أنا لا أحب الغرور.

كيف تحافظ على تواضعك رغم كل ما حققته؟

أنظر إلي ما حققته وأشكر الله  أنني محظوظ. إنها نعمة من الله.  لماذا التباهي؟ إنها هدية منه. ليست لي. اختارني الله وباركني وساعدني، وأنا دائما أشكره.

ما هي الصفات التي تعجبك في الناس؟

أنا أحب الأشخاص الحقيقيين المحترمين، كن على طبيعتك.

هل لديك القدرة علي الحكم على الناس بشكل صحيح؟

للأسف لا، لأنني أحب الناس وعندما تحب الناس، تقترب منهم بقلب مفتوح لا أستطيع تغيير ذلك، أعتقد أنني ورثت ذلك من والدي.

من هو مثلك الأعلى في الحياة؟

الشيخ محمد بن راشد هو مثلي الأعلى، وثق بي وأعطاني فرص كثيرة، علمني أن أكون شجاعا، لقد كان قائدا لا مثيل له.

والدتي أيضا بطلة حقيقية لأنها ربّت 13 طفلا، بلا ماء ولا كهرباء، لقد وصل الماء والكهرباء في بيتنا عندما كان عمري 14 عاما، وأيضا أطفالي هم أبطالي وأنا ممتن لهم، أبنائي الأصغر سنا أذكياء جدا مقارنة بي!

لو كتب كتاب عن حياتك فماذا تتوقع ان يكون العنوانه؟

أعتقد أن العنوان سيكون “رجل الأعمال الذي أراد أن يكون في الجيش”.

أنا أحب الجيش لأنني أحب الانضباط، أقوم بعملي مثل الجيش منضبطا طوال الوقت، أنا أحترم هؤلاء الأشخاص الذين يغادرون منازلهم ويلتحقون بالجيش، إنهم لا يرون عائلاتهم لأسابيع أو حتى شهور، نحن  مدللون، نريد العودة إلى المنزل الساعة 5 مساء ونحتاج لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، لكن هؤلاء الأشخاص مميزون.

تخيل أنك تذهب إلى خط المواجهة ولا ترى أطفالك لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، لا عطلات نهاية الأسبوع، ولا أعياد ميلاد، وعلاوة على ذلك، فإنهم يعيشون على دخل متوسط، أنا معجب بذلك، هذا ما يجعلني أعمل بجدية أكبر وأسرع بكثير، لأننا لدينا كل شيء، ونحصل على المزيد من المال أيضا.

ما الذي يشجعك للاستيقاظ كل صباح؟

حراسة مملكتي والعناية بها، أريد التأكد  أنني أتابع قادتي وأدفع بهم إلى الأمام، وأيضا أريد التاكد أننا نتابع كل ما هو جديد، ولكن أكثر شيء يشغل بالي هو مجرد المحافظة علي ما لدينا وحراسته.

أسميها حراسة الهدية والاعتناء بها لأن ما عندنا هدية، هبة من الله، فكيف لا نعتني بها؟ كان بإمكان الله أن يعطي هذه الهدية لأي شخص، لكنه أعطاها لنا ويراقبنا، أريد أن يكون الله سعيدا لأنه قدم لي الهدية، أريد من الله أن يعلم أنني أقدر كل شيء وأعتني به جيدا، آمل أيضا أن يغفر لي عندما أرتكب أخطاء.

ما هي الأشياء التي تقلقك؟

أنا أقلق لأنني أريد أن ننجح علي الدوام في الاهتمام بعملائنا بما فيه الكفاية. كذلك الحفاظ علي فريق العمل المميز الذي يعمل معنا، أفكردائما في الأخطاء التي يمكن أن تحدث، وما علينا  إصلاحه، كما أحمل هم من هو أقل حظا وكيف يتعامل مع وباء كورونا. حقا هذا يؤلمني.

لقد قمت بكثير من الأعمال الخيرية..

ويمكننا القيام بأكثر من ذلك، نحتاج إلى عمل المزيد طوال الوقت لأننا نجني المال، وتظل مساهمتنا صغيرة نسبيا.

ما هي أكثر لحظة تفتخر بها حتى الان؟

هناك الكثير الذي يدعو للفخر، عندما أنظر إلى شعار “إعمار” أشعر بالفخر، عندما أصل إلى مدخل مراسي، عندما أنظر إلى برج خليفة، عندما أنظر إلى أحفادي، هناك الكثير نفتخر به.

من هو الشخص العربي الذي تعجب به ولماذا؟

هناك شخصيات كثيرة جديرة بالاعجاب.

 في الإمارات العربية المتحدة، بدأت عائلات مثل الغرير والفطيم من لا شيء. نفس الشيء في مصر، هناك عائلات مثل السويدي وساويرس تبني صناعات وهي عائلات معروفة جدا. هناك شخص مثل هشام طلعت مصطفى، فقد كنت أمزح معه دائما وأقول له لو أعطتني الحكومة هذه الأرض مجانا، فلن أقبلها، لكنه  بني مدينتي في وسط الصحراء في مكان لا توجد به أي بنية تحتية، كم هو شجاع؟ هؤلاء أشخاص بدأوا مؤسسات كبيرة، هناك العديد من الأسماء والقائمة طويلة.

هل كان لديك قدوة لك عندما كنت أصغر سنا؟

 في الإمارات نحن نتأثر بشيوخنا، من الشيوخ صاحبة الرؤية الشيخ محمد بن راشد، وطبعا  الشيخ زايد فقد فعل ما لم يفعله غيره، نحن  نشأنا على ما فعله الشيخ راشد والشيخ زايد، هم حقا أبطالنا لأنه عندما تنظر إلى القليل الذي كان لديهم وكل ما فعلوه، يجب أن نقدر حقا إنجازاتهما.

كان مستوى تعليمهم بسيط لكن كان لديهم الحكمة والصدق والحب والشجاعة، كان لهم بعد نظر عجيب.  نظروا إلى ما هو أبعد مما يمكننا التفكير فيه، عند النظر إلى الإمارات العربية المتحدة، كل هذا من صنعهم. وأنا على يقين من أن الشيخ محمد بن زايد يتبع هذه الحكمة الآن.

ما أكثر شيء تحبه؟

أحب التعلم، فريقنا في  التجارة الإلكترونية يعلمونني  الكثير، كما إنني أتعلم من  كل بلد أزوره، في كل بلد أتعرف على إقتصاد جديد وأشخاص جدد وتاريخ جديد، على سبيل المثال كنت في ألبانيا وتعرفت على تاريخها. نفس الشيء عندما أتيت الي الساحل الشمالي. إنها تجربة تعليمية جديدة بالنسبة لي. لذلك، أعتقد أن التعلم هو الذي يثري حياتي حقا.

ماذا يبقي في قائمة أمنياتك الشخصية؟

من أمنياتي الشخصية أن أحافظ على لياقتي البدنية، انا أمارس الرياضة كل يوم،  بدون الإهتمام بنفسي لا يمكنني مساعدة أي شخص آخر بما في ذلك أسرتي.

هل هناك أي تجربة لم تقم بها بعد؟

أريد أن نتمكن من حماية الشرق الأوسط من  الغزو الأجنبي، عن طريق التجارة الإلكترونية، لأنه لا يستقيم أن نقضي الساعات على هواتفنا كل يوم دون إمتلاك أي شيء عليها. هناك يوتيوب، تويتر، إنستجرام، فيسبوك، نحن لا نملك أي منهم، إنه غزو حقيقي.

ما زلت قوميا عربيا ونحن كعرب، علينا أن نسيطر علي مصيرنا، العالم كله يتجه نحو التقدم التكنولوجي ونحن، بكل ما نملكه من أموال، ليس لدينا ما هو لنا؟ لذلك، أتطلع أن تكون Noon رائدة في النظام البيئي التكنولوجي، لسنا بعيدين جدا عن ذلك، أتوقع أن نصل لذلك في فترة زمنية قصيرة جدا، هذا شيء هام جدا بالنسبة لي.

هل لديك شيء أخير تود أن يعرفه الناس عنك؟ هل هناك سر عن محمد العبار لا يعلمه أحد؟

هناك شيء لا يعرفه الناس عني وهو أنني  كنت اشارك مع الشيخ محمد بن راشد في جولات لمدة 12 ساعة على الخيول، أعتقد أن هذه الرياضة علمتني الكثير من الانضباط.

الأمر الآخر الذي أريد أن يعرفه الناس هو أنني ممتن للغاية لثقة الناس بنا ونشكرهم علي شراءهم عقاراتنا. أنا اقدر ذلك جدا لأن شراء العقار هو أهم قرار في حياة المرء، سواء كان يشتريه للإقامة او للاستثمار، ولكن في الوقت نفسه، أنا آخذ هذا القرار على محمل الجد.

 إنهم يثقون بنا وأريد أن تبقي هذه الثقة لأنها قريبة جدا من قلوبنا، لذلك حين نرتكب الأخطاء نعتذر عنها وأتمنى ألا نكررها، أنا وكل من معي في إعمار نريد حقا القيام بعمل جيد. سواء كان ذلك هنا أو في الإمارات العربية المتحدة أو في الخارج، فإننا نأخذ هذه المهمة على محمل الجد ونحبها، أريد أن يعرف الناس أنني أحب ما أفعله حقا، وأني أفعل ذلك من القلب.

تصوير: خالد فضة